حرية اختيار المستقبل للشباب

#هارون_الرشيد 

خلق الله الإنسان و أعطاه حرية الإختيار، فهو مخير في إيمانه أيؤمن أم يكفر، و هو مخير في تصرفاته أشرير أم خير، فالله هو من أعطى الإنسان هذه الميزة دون سائر مخلوقاته فهي مسيرة، و إن هذه الحرية هي محور الإختبار الذي هو فيه، فإن آمن فله الجنة، و إن كفر فعليه كفره و هو في جهنم مذموم مدحور. اختيار من عدة طرق

و إن هذه الحرية في جميع حياة الإنسان و إن كان في بعضها لمسيرا و ما ذاك إلا القضاء و القدر، و هنا نستذكر نوعا من أنواع الحرية و هي حرية اختيار المستقبل، و أعني بذلك ظاهرة انتشرت في مجتمعنا اليوم بشكل رهيب، ظاهرة تقمع هذا النوع من الحرية بشكل محير. مما يلاحظ أن كثيرا من الشباب اليوم هم في أماكن و دراسات و مناصب عمل ليست من اختيارهم و لا من مواهبهم و لا من هواياتهم، فتجده تحصل على شهادة البكالوريا فأجبره أبواه على دراسة شعبة معينة دون الأخريات، فيفاجئني بعضهم بأن أباه أو أمه قال له: إما أن تدرس هذا أو لست بإبني و لا أنا بأبيك. و إن هذا لقمع واضح لحريته في اختيار مستقبله، أو أجد أحدهم إنخرط في الجيش و إذا سألته قال لك أنا في أسوء  حال،  لماذا؟ لأنه لم يرد الذهاب و لكنهم أجبروه خوفا عليه من الفقر! .. أنخاف من الفقر و نحن مؤمنون بالله؟ أنخاف عليه و هو رجل؟ أليست هذه حياته و مسؤوليته و الله خالقه و رازقه؟ أم هل حصر الرزق للمجندين في الجيش و الأطباء و الأساتذة؟ فتجد بعض الطلبة يضعون في بطاقة اختياراتهم للشعبة كل شعبة تبتدأ ب: المدرسة العليا. و إذا سألته لماذا يقول لك: العمل مضمون! ..هلا سألته عن شيئ إسمه الحب؟ أما علم أن حب الشيئ يجعل المرء يبدع فيه؟ لماذا صارت عقولنا لا تفقه شيئا من الحياة سوى المادة؟ ألهاذا خلق الإنسان؟ أم المادة تدخله الجنة؟ أم أن مقدار العلم يقاس بمقدار الأجر الشهري الذي يتلقاه الموظف؟ أم أن السعادة تشترى بالمال؟ أم أن المال هو السعادة؟

إن ما أريده هو أن أوصل رسالة للشباب و أوليائهم على حد سواء: إن أفضل خيار يختاره المرء يوما هو ما نبع من إرادته هو لا من إرادة غيره، و إن الشاب لمسؤول عن نفسه و محتاج لتعلم كيف يتحمل المسؤولية، و المستقبل مستقبله و الحياة حياته فلا ينفع أن يختارها غيره. و رب رجل كانت قراراته اختياراته عاش فقيرا سعيدا خير من رجل حياته مخطط لها قبل ولادته يعيش غنيا مترفا لكنه أتعس الناس و أحزنهم. و إن هذا الشاب سيفيق يوما ما ليعلم أن حياته صنع غيره لا أكثر و لا أقل، يومئذ سيكره نفسه و كل ما حوله لأنه سيشعر أنه شخص عادي بامتياز لا بصمة له في الحياة كلها، و لا حتى في حياته الشخصية. إن عيش الإنسان حياته هو أن يعيشها لحظة بلحظة، هو من يعيشها لا يعيشها له الناس.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الإنسان، حوار بين ذئب و حفيده

الأرنوب و الثعلب آكل العشب