مخاطر استخدام الأنترنت على الأطفال

#هارون_الرشيد

مقدمة

     الأنترنت هو عالم كبير جدا، فيه النافع و الضار، الجميل و القبيح، الإيجابي و السلبي، و حياتنا اليوم متعلقة تعلقا كبيرا بالأنترنت، فقد صارت جزئا لا يكاد يتجزأ عن حياتنا اليومية و تعاملاتنا، و إذا تحدثنا عن العالم العربي خاصة، نتحدث بشكل كبير عن منصات التواصل الاجتماعي، و استخدام الأنترنت اليوم لم يعد مقصورا على فئة دون أخرى، بل لا تكاد تجد أحدا لا يملك حسابا على منصات التواصل.

طفلان أمام كمبيوتر محمول

     و من هذه الفئات، الأطفال. و إذا تحدثنا عن الأطفال في أي مجال مجالات الحياة، فإننا نتحدث عن الفئة الغضة الطرية، الفئة صاحبة الأوعية الفارغة التي تنتظر الامتلاء بشغف شديد، الورقة البيضاء الناصعة التي وضعت على طاولة الحياة تنتظر أقلاما تكتب عليها.

     و كما نعلم، فتكدس المعلومات و المحتوى على الأنترنت يمثل كمًّا هائلا عشوائيا بالنسبة لعقل طفل. فهل استخدام الطفل للأنترنت بكل حرية آمن عليه و على عقله؟ و هل من الصواب تركه أمام الشاشات دون رقابة من الوالدين؟ و ما هي المخاطر المحتملة على الطفل في هذا العالم الوهمي؟

     لا يخفى على أحد أن شبكة الأنترنت فيها الكثير من الأمور الخطيرة، لا سيما الأمور التي تدعو إلى الانحلال الأخلاقي و الانحراف عن الفطرة و الصواب، يمكن للشخص البالغ أن يتجنب هذه الأمور، و حتى إن تعرض لها فلن تؤثر عليه غالبا لأنه متعلم و فاهم تجاوز فترة التغير و ما إلى ذلك، لكن ماذا عن الطفل و المراهق؟

مخاطر استخدام الأنترنت على الأطفال

    من أهم الأخطار على الطفل في هذا الصعيد ما يلي:

1: متلازمة الإنهاك المعلوماتي:

    و هو مرض نفسي ينتج عن تلقي كم هائل من المعلومات، خاصة إن كانت بشكل عشوائي فوضوي، و من أهم أعراضه:

أولاً

 تزايد إجهاد الأوعية الدموية نتيجة ارتفاع ضغط الدم.

ثانياً

 ضعف النظر بسبب تعريض الأعين لساعات طويلة من القراءة أو الجلوس طويلا أمام الشاشات.

ثالثاً

 الثقة الزائدة بالنفس وما قد يتأتى عنها من إصدار أحكام خاطئة على الأمور.

     و قد تتطور هذه الأعراض إلى الأرق و كثرة النسيان و تقوض المناعة و تشتت التركيز و القلق و نوبات الغضب ... هذا المرض قد يصيب حتى البالغين، فما بالك بالأطفال الذين لا يعرفون شيئا ثم يجدون الحرية على عالم من المعلومات العشوائية مرة واحدة. فأين الأمان في هذا؟

2: الانحراف في السلوكيات لدى الطفل

 و هذا ينتج عن تعرضه لأمور جديدة عليه تثير فضوله لتجربتها، و من طبيعة الانسان أن يجرب الجديد من الأمور، و خاصة الغريب منها، و على الأنترنت قد يجد أي شيء، فلا تستغرب إذا تركت طفلك حرا أمام الشاشات و تغير عليك.

3: الانطواء و الوحدة و العزلة عن الآخرين:

 و هذا من أخطر النتائج على الطفل لكثرة استخدامه للأنترنت، إذ أنه سيستغني عن المجتمع و أصدقائه و ربما عائلته لوجود مجتمع بديل، مجتمع وهمي بالكامل يجد فيه حريته المطلقة، و قانون القوة فيه مختلف عن الواقع، فخلف الشاشات تزيد الشجاعة بسبب التخفي و قلة الخوف.

4: نشر معلومات أو منشورات خاصة أو لا يصح نشرها:

 مثل صور عائلية أو غير ذلك من الأمور التي لا ينبغي خروجها من بيت العائلة، فقد يخطأ الطفل بحكم جهله و سهولة خداعه فيرسل أي شيء يسبب له المشاكل في المستقبل له أو لعائلته، و في هذا المجال تكون الفتيات أشد عرضة لذلك مقارنة بالفتيان، لأنهن أكثر استهدافا من أصحاب النفوس الخبيثة من جهة، و من جهة أخرى هن الأكثر استخداما لمواقع التواصل الاجتماعي مقارنة بالفتيان، و يميل الذكور إلى الألعاب الالكترونية أكثر من منصات التواصل. و هذا ما أشارت له دراسة أمريكية سنة2015. (الرابط في الأسفل).

5: سهولة التعرض للقرصنة و الغش الإلكتروني و تثبيت برامج ضارة:

ذلك أن الطفل لا يدرك خطورة الأمر، و يسهل خداعه و استدراجه بالروابط في غرف الدردشة و الاعلانات المزينة و العارضة للمجانيات ... فقد يعطي كلمات سر أو إذنا لدخول الهاتف أو الحاسوب ...

6: التعرض للمضايقة و التخويف و التسلط الإلكتروني:

 و لعل هذا هو أخطر موضوع على الأنترنت، و قد شهدنا في الأعوام الماضية بعض النماذج عن ذلك، منها أشخاص ذووا نوايا سيئة أو ألعاب الكترونية مثل لعبة الحوت الأزرق التي ذاع صيتها في العالم العربي سنة 2017، فبراءة الطفل و سذاجته تجعل منه لقمة سهلة لاستغلاله بالتخويف و التهديد، و قد أشارت دراسة أمريكية أن 60 من الأطفال تعرضوا لشكل من أشكال المضايقة الالكترونية، وهو رقم كبير، فهذا يتجاوز النصف، كما أشارت هذه الدراسة إلى أن الفتيات أكثر عرضة لذلك مقارنة بالفتيان. و من أكثر المواقع استقبالا لبلاغات التسلط الالكتروني على الأطفال موقع Instagram في المرتبة الأولى، و يأتي بعده موقع  Facebook ثم SnapChat، و إذا لاحظنا فهذه المنصات الثلاثة هي الأكثر استخداما في العالم العربي، و أهم ما يميزها هو الصور. فمحور الخطورة هو نشر الأطفال لصورهم. (رابط الدراسة في الأسفل).

   و على كل أب و أم أن يحذروا من هذا كل الحذر، لأنه قد يخلف أزمات نفسية عميقة تصل إلى حد فقدان الطفل لثقته بنفسه و خوفه من الخروج من المنزل و الرعب الشديد و البكاء المزمن...

7: خطر الإلحاد و فساد الدين:

 و هو من أكثر الأمور خطورة خاصة على العالم الإسلامي، فهناك الكثير من المواقع و المجموعات على منصات التواصل و المنتديات التي تدعو للكفر البواح عنوة، و على رؤوسها أناس غرضهم تجريد المجتمع من هويته و دينه و كل شيء، حتى يصير فردا خاملا لا دين له و لا ملة و لا اعتقادا، فيستغلون جهل الطفل و المراهق خاصة من جهة معرفته بالدين، و من جهة العاطفة يستغلون حبه للتمرد و تعطشه للانحلال الأخلاقي من هول انتشار الفساد و تزيينه و تنميقه، و في هذا على الآباء أن لا يغفلوا أبدا، لأن الانسلاخ من الدين و الخروج عن ملة محمد صلى الله عليه و سلم لهو أجسم الأخطار، و لا أخطر من هذا في كل ما سبق. فهدم عقيدة المرء هدم بنيانه من الأساس، فإن سهلوا عليه هذا، فكل خطر بعده قادم لا محالة.

 خاتمة

    علينا أن نستفيق لننقذ أبناءنا من هذا العالم المظلم، و أهم ما على الآباء أن يفعلوه هو حرصهم على المراقبة الدائمة و الشديدة لنشاطات أبنائهم على الأنترنت، و فتح باب الحوار معهم في هذه المواضيع و السؤال الدائم، و كذلك وضع حد زمني لساعات استخدام الهواتف أو الحواسيب في اليوم و الأسبوع، و عدم تركهم يفتحون الحسابات و يبحثون بمفردهم، كما يمكن تزويد الحاسوب أو الهاتف بنظام استخدام الطفل، و هو معروف في الحواسيب، يقلل من صلاحيات الاستخدام و ظهور المواقع و الفيديوهات و ما إلى ذلك، و مع كل ذلك تبقى الرقابة المستمرة و الحوار أهم أسلوبين لتوجيه طفلك في هذا العالم الرقمي.

مصادر:

مقال لليونسف حول عدد الأطفال الذينيستخدمون الأنترنت يوميا: بالعربية.

دراسة تبين عدد الأطفال الذين يتعرضون للمضايقة الالكترونية:(إنجليزي)

إحصائيات حول المضايقة الإلكترونيةللأطفال: (إنجليزي)

مقال عن متلازمة الإنهاك المعلوماتي: (عربي)


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الإنسان، حوار بين ذئب و حفيده

الأرنوب و الثعلب آكل العشب

حرية اختيار المستقبل للشباب